سيف الحدي
سيف الحدي
هل تريد الأمم المتحدة السلام في اليمن؟
الساعة 02:11 صباحاً

أتحدث عن رغبتها وليس قدرتها... هل تريد الأمم المتحدة سلام في اليمن؟

أعتقد أن أي متابع استقصائي وفاحص لتحركات الأمم المتحدة على الصعيد الدبلوماسي أو الاقتصادي أو العسكري سيعارضني عندما أقول إن الأمم المتحدة هي العصاء الناعمة لتركيع الدول أمام رغبات الدول العظمى. أنا لا أقول هذا الكلام امتعاضاً من الأمم المتحدة ككيان، ولكني أقول هذا لأن هذا الكيان يعيش تضاربات عميقة تتجاوز التضاربات اللفظية والكتابية التي تشهدها قاعة مجلس الأمن واللجان التابعة له وتحول من كيان لبناء السلام إلى صندوق مفرقات لاشعال الحروب!

قد يقفز البعض ليبرر للأمم المتحدة اخفاقها وقد يقفز البعض ليستعرض لنا التدخلات الإنسانية العظيمة التي تقوم بها الأمم المتحدة لإنقاذ حياة الناس في مختلف اصقاع الأرض وكيف إنها أوصلت المساعدات إلى كل السهول والوديان وقمم وبواطن الجبال. كنت سوف أصدق هذه الترهات لو لم أكن مطلع على خبايا وكواليس بعض الأمور التي تخفى عن معظم عوام الناس، ليس لأنني ذو منصب وشأن، ولكن لأن نشاطي قد قربني من بعض دوائر صنع القرارات والسياسات ذات العلاقة بالاجندة الوطنية واواصرها بالاجندة الدولية.

لست هنا بصدد التطرق إلى نماذج فشل الأمم المتحدة، فهي أكثر واعمق مما أستطيع أنا ان اتتبعه أو استعرضه، ولكن يمكن لمن هو مهتم أن يتوجه للإطلاع على الجهود الهشة والركيكة بشهادة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي انان في كتابه الذي عنونه بعنوان "تدخلات.. حياة في الحرب والسلم" وسوف تجد كمية العار الذي تحاول الأمم المتحدة أن تداريه خلف ستار عملياتها الإنسانية هنا أو هناك وحلف كلماتها المنمقة تارة في بيانات الإشادة والثناء أو التنديد والشجب في تارة أخرى. أو يمكنك أن تطلع على الجهود الركيكة والمخزية للأمم المتحدة في مختلف الصراعات القديمة أو التي لا زالت قائمة كالصومال ورواندا والبوسنة و سوريا والعراق وجنوب السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا و جمهورية أفريقيا الوسطى و بوروندي و سيراليون و غينيا بيساو والنيبال وأيضاً في الهند وباكستان ولا تنسى أم القضايا، فلسطين ولا تنسى أم الدنيا، اليمن. 

أنا هنا بصدد الإشارة إلى شيء واحد فقط، وهو إنه لا يجب على الشعب اليمني أن ينتظر لأي سلام قادم من أروقة الأمم المتحدة لأنه سيكون سلام مشوه مليئ ببؤر صراعات مستقبلية وسيكون كرياح النصر المحملة ببذور الهزيمة. لا يمكن لليمن أن يتمتع بأقصى الدرجات الممكنة من السيادة والتنمية والتطور والتقدم إلا إذا حفر ابناؤه باظافرهم في جدران فجوات الصراع بينهم وعملوا جميعاً على إعادة ترميم الجسد اليمني الواحد ضمن إطار يمني عربي شمولي.

لا أستطيع أن اتطرق في هذه الفسحة لكافة معايير الفشل الأممي في اليمن، لكن يمكنني أن أثير عقلك لتفكر معي وتجيب على الأسئلة التالية:
ماذا قدمت الأمم المتحدة للصراع اليمني في الستينات؟
ماذا قدمت الأمم المتحدة للصراع اليمني في التسعينات؟
ماذا قدمت الأمم المتحدة للصراع اليمني في ٢٠١١؟
أين كان الصراع في اليمن قبل وبعد تدخل الأمم المتحدة في ٢٠١٤؟
كم كانت أطراف الصراع وكم صارت الآن؟ أعتقد إثنين والآن أربعة، صحيح؟
كنا نتحدث على اتفاقية واحدة، فلماذا اليوم نتحدث عن اتفاقيات متعددة مثل اتفاقية الرياض والحديدة؟ 
كم عدد عمليات إطلاق أسرى نفذتها الأمم المتحدة في اليمن؟
كم مقدار ميزانية المشاريع التنموية التي نفذتها الأمم المتحدة؟
كم جبهات قتال ساهمت الأمم المتحدة بإيقافها؟
وأهم سؤال، ما مقدار رضاك أنت عن أداء الأمم المتحدة؟ 
وغيرها من الأسئلة التي لو بحثت أنت على اجاباتها لوجدت إن الأمم المتحدة تحرص على أن تدير الصراع فقط وليس إنهاء الصراع، نعم، هي تدير الصراع ليتوافق مع مصالح الدول العظمى ويبقى في إطار المسموح به بحيث لا يضر بالأمن والسلم الدوليين لأنه حينها سوف يهدد مصالح تلك الدول.

اختم كلامي وأقول، السلام الحقيقي لا ينبع إلا من الداخل، عودو يا يمنيين لبعضكم البعض وعودو يا يمنيين لقوميتكم العربية وحلو هذه الصراعات في إطار الجامعة العربية لأنها أقل شراً من الأمم المتحدة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر