عبدالسلام القيسي
عبدالسلام القيسي
في يوم المعلم.. ماذا أستذكر؟
الساعة 07:37 مساءاً

المنهاج الوطني المشبع بالروح اليمنية، وقد سقط؟
المعلم اليمني الذي لو هلّ أمامك كما لو أن أمامك النبي أو ملاك معصوم، تكن له خالص الحب، يفرض عليك كل شيء، داخل وخارج المدرسة، تهابه وتحترمه، له الإجلال بمعنى وعمق الكلمة،
وقد سقط هذا المعلم، سقطت هيبته، كيف أكتب عن المعلم، كيف؟
هل أكتب عن النشيد الوطني الذي يصدح في المدرسة وتقف في الطريق لو سمعته ولم تصل المدرسة بعد أمام سيارة حتى،
كيف أكتب عن النشيد الذي حرمته الجماعة وأسقطته؟
عماذا أكتب!
عن سارية كل مدرسة، عندما يرتفع العلم اليمني، ونحن نشعر بالبكاء، والشموخ، والكبرياء،
وقد صار العلم اليمني تهمة يساق من يرفعه الى الزنازين..
الكتابة باكية، 
عن رائحة المناهج، والجمهورية اليمنية، ولجنة الإعداد، وعن اشياء وتفاصيل كبيرة، عن المدارس في كل مكان، وقد درست أول صفوفي بعيداً بعيداً ثم بنيت لنا مدرسة تحت البيت، ثم الثانية،
معامل وكراس وموجهين، وهيبة للتعليم، وعن عبده عثمان الذي كلما مشى تحت البيت ورآني هربت منه كيلا يقول أنا لا أذاكر..
عن علي محمد مدير مدرسة الوحدة،
عن أمين مهيوب مدير مدرسة الوحدة عندما مات بحادث وكأنما غشتنا الغاشية، سقطت كل البلاد من الفقد،
عن معلمينا الكبار، عن محمد سعيد غالب وجمال عبده غالب وصادق علي سعيد، كانوا يقطعون الجبال جبلاً جبلاً لتدريسنا..
عن عارف محمد قاسم، عن نبيل سيف، وعن خليل، عن وهيب الحصيني، عن سعيد فرحان الأغوال، محمد خالد سلطان،
عن مدرس الكيمياء من القعبة وليذكرني وهو أكثر من أحبه وقد نسيت، اسمه، ليعذرني، وأقسم هو أكثر من أحبه، ويحبني..
عن الاستاذ فوزي من كويكبان، عن عبدالله غالب متنان، وعن سيارته الصفراء،
وذات مرة في الثاني الثانوي مرضت الروماتيزم، سقطت في الإختبار، ولحقتني لجنة إلى المشفى للفحص، ومنعوا عني وأخرجوا من مكاني القرآن حتى، الأمانة أمانة،
أم عن تأديبي مئات الآلاف أكثر من مرة لأني غلطت على مدير بكلمة، أو جرحت أستاذي بأخرى.. فعلتها مرة ودفع عني عمي الذي رباني ما يقارب نصف مليون قبل عشرين سنة، كانت تبني لك نصف بيت،
ميكرفون وسماعات، ورنج، وهيكل مكتبة، وإرشيف، واشياء كثيرة، والنكتة التي حدثت بعد ذلك،
ذات يوم نقص الطبشور من المدرسة، وأحد المدرسين يحدث المدير،وكنت أمر بجانبهما، مسكني المدير وقال لهم " جارروا عبدالسلام" ويقصد أي: ترحشوه..
يعني أن يجعلوني أغضب وأرتكب خطيئة ليتأدب عمي عوضاً عني وبما يكفل لهم شراء كراتين من الطباشير، قالها وضحك بوجهي،
كان يمزح فقط، ويمتن لعمي أحمد وتأديبي كل مرة.. كنا ندرس ونتعلم، وننجح،
وعن جدتي، كانت توفر لي جواً خرافياً لأنجح..
عن أعمامي الخمسة، آبائي، الذين منحوني كل شيء لأتعلم، وكان الاستاذ مقدساً بالنسبة لهم، وأنا الغلطان، أدركت صوابهم بعدما كبرت، كبرت وعرفت كم كنا محظوظين بفترة مذهلة.

الكتابة عن يوم المعلم وقد سقط كل شيء مدعاة للبكاء، سقط كل شيء، سقطت الأسرة، وسقطت الدولة، سقط التعليم بالكهنة.. أسقطوا بلادنا.. والمدرسة أول ضحايا هذه الجماعة.. المدرسة يا قوم.

*من صفحة الكاتب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر