إبراهيم الكازمي
إبراهيم الكازمي
أزمة الوَعي الخانقة
الساعة 05:38 مساءاً

جمعتني الصُّدف في إحدى المناسبات بعدد من قيادات الدولة ـ مدنيين وعسكريين ـ فوجدت فرصة للحديث محاولاً اكتشاف مدى الوعي المكتسب لديهم، بعد مايقارب ثمان سنوات من الحرب والصراع في اليمن، فسألتهم قائلاً: 
ما الذي أعددناه في المناطق المحررة لمواجهة المشروع الحوثي الكهنوتي ـ عسكرياً وتوعوياً واقتصادياً ـ في حال رفع التحالف يده عن اليمن وتركنا لمصيرنا ؟! وكم نستطيع الصمود والمقاومة ؟!
وطلبت منهم أن تكون إجاباتهم تلامس الواقع وبعيداً عن الأحلام والشطحات والكلام العاطفي
لم يجبني أحد  !! 
فكررت السؤال ؟ فلم يجبني أحد  !!
فأدركت أن أزمة الوعي الحقيقية متمكنة في الرؤوس الكبيرة أكثر من العوام
ثمان سنوات من الحرب والصراع كفيلة بإن يفهم الإنسان السَّوي حقيقة عدوه ومدى خطورته وكل أفعاله وتصرفاته
ولكن للأسف.. !!! 
بينما على الطرف الآخر يدرك العدو مدى أهمية حرب الوعي فقام خلال السنوات الماضية بإخراج أجيال تعبد سلالته ومستعدة لأن تموت في سبيل خدمة النطفة المقدسة وخرافة حكم البطنين، وما زالوا مستمرين في صناعة هذه العقول وتخريجها كالقطعان 
صحيح أن اليمنيين اليوم مستبعدين الحسم العسكري وذلك أن أمر الحسم ليس بأيديهم ـ وليس لعجزهم ـ ولكن لايزال أمامهم مضمار حرب الوعي التي هي أهم وأخطر على العدو من الصراع المسلح
فما الذي قام به اليمنيين في هذا الجانب  ؟! 
خطباء المنابر منشغلين بالإتهامات فيما بينهم
هذا حجوري وذاك إمامي وهذا عدني وذا إصلاحي، وحتى من استفاق منهم يرى أن الخلاف بيننا والحوثيين هو خلاف ( سب صحابة فقط ) وإلا فالحوثي يمني هاشمي إن ترك ذلك فهو منا وفينا بل علينا محبته كونه من الآل !!! 
السياسيين منهمكين كالضرائر في صراعات الأحزاب ومماحكاتهم، وأصبح الغالبية منهم يمتلكون عقارات ومخططات وشركات في الداخل والخارج، كما أنهم يتنافسون في التبعية والطاعة للخارج لضمان مصالحهم الخاصة بينما الشعب يعيش الأمرَّين
بينما القادة العسكريين فشلوا في تشكيل جيش حقيقي يحمي الشعب والوطن ويمتلك عقيدة واحدة وقيادة واحدة واستراتيجية واحدة، وفي كل منطقة توجد عشرات الوحدات العسكرية وكل وحدة تعمل لنفسها وبقيادة خاصة بها لا تأتمر بوزارة دفاع واحدة أو داخلية واحدة !! بل أنهم عجزوا حتى عن تأمين ملابس عسكرية موحدة  !!! 
تُرى كم يكفينا من سنين البؤس والألم والحروب كي نعي ونعرف حقيقة العدو وحقيقة مشروعه الخبيث الذي يحاول تمكينه بإصرار منذ مايقارب الألف ومائة وخمسين عام ؟! 
أكرر وأقول بأن ميدان حرب الوعي أمامنا ولابد أن يخوضه كل يمني حُر وغيور على هويته وعقيدته ووطنه، فبالوعي أولاً نستطيع صناعة العقول التي ستستأصل الورم الخبيث الذي أصاب هذه البلاد وأوهنها.. 

*من صفحة الكاتب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر