فيصل الشبيبي
فيصل الشبيبي
إلى أبي الغالي.. في ذكرى رحيله
الساعة 01:16 صباحاً

ثمان سنوات مرّت كلمح البصر،، لم أتمكن من رثائك حتى اليوم يا أبي، فالحزن كبير والفقد عظيم والجرح غائر ولم يلتئم، رغم إيماني العميق بقضاء الله وقدره.  
 نعم.. ثمان سنوات لم أتمكن من رثائك، لأني أراك في كل شيء جميل في حياتي، وأصدقك القول، إنني كلما أردت الكتابة عنك يحتار عقلي وتتشتت أفكاري، ويتوقف قلمي، فلا أزال أُمنّي نفسي بأنّي سأراك وألتقي بك.
تملّكت قلوبنا وأرواحنا، لأننا نرى فيك القيم النبيلة والثوابت التي لم تتزحزح في التمسك بها والدفاع عنها، قيم الخير والمحبة الخالية من كل النزعات المناطقية والمذهبية والطائفية.
يكفينا فخراً، أنك كنت مسؤول التسليح في قيادة لواء ذمار والبيضاء في الثمانينات، ولم تمتلك مسدساً واحداً. 
وأنك كنت أيضاً مسؤول شؤون الأفراد في قيادة لواء ذمار، ولم تمتلك منزلاً أو سيارة طوال حياتك، وأنك كنت ضابطاً في الجيش، ولم يعلم معظم أبناء قريتك بأنك ضابط إلاّ في السنوات الأخيرة، لبساطتك وطيبتك وتواضعك، لذلك يحبك الجميع ويدعون لك بالرحمة. 
يكفيك أنك كنت تُحبُّ الخير للناس أكثر من نفسك، وأنك كنت الحريص على تعليم جميع أبناء المنطقة وكل من تعرفهم، بل وتتابع الطلاب إلى منازلهم ومدارسهم للتأكد من أنهم يذهبون للدراسة، وأنك المُبادر دوماً لمتابعة المشاريع الخدمية والتنموية حتى إنجازها، دون أن تبحث عن أي مصلحة شخصية أو مقابل لتلك الجهود.
علمتنا بأن الدنيا قليل ولا تستحق كل هذا العناء، وأن الكلمة السيئة التي أراد أحدهم إيذاءك بها تأخذها الريح، وأن الانتقام سلاح الجبناء، وأن الإنسان لا يترك حقه للظالمين، ويعمل على استرداده بكل الطرق القانونية، وإن كان ولا بُدَّ وتغلقت الأبواب بوجهه فيموت مظلوماً أفضل من أن يموت ظالماً، علمتنا بأن الكسب الحرام مهلك للذُريّة، وأن الصدق والعيش بوجه واحد هو المكسب الحقيقي للإنسان حتى وإن خسر الكثير، وغيرها من القيم الأصيلة في شتى مناحي الحياة. 
الرحمة والمغفرة لروحك الطاهرة، أيها المؤمن الزاهد النقي الوفي، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجمعني بك في جنات النعيم، إنَّهُ سميعٌ مُجيب.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر