ماجد المعمري
ماجد المعمري
خرافة السلام الحوثية
الساعة 06:16 صباحاً

يواصل العالم تجاهل خيارات اليمنيين في التحرر من قبضة مليشيات الحوثي بمزيد من الدعوات للحل السياسي مع جماعة إرهابية تستثمر هذه الدعوات بما يخدم مصالحها على حساب أوجاع ملايين اليمنيين.
 
تعتمد الدول الكبرى والمجتمع الدولي مع الحرب اليمنية وفق مقاربات، مازالت تعتبر مليشيا الحوثي جماعة سياسية لها مصالح محلية وارتباطات إقليمية قادرة على تسهيل التعاطي معها والخروج معها ومع داعميها بصفقات سياسية ترعى مصالح الجميع في الداخل اليمني والخارج الإقليمي والدولي. 
 
 دول كبرى ترى أن إنهاء الحرب مرتبط بإنهاء الدعم المالي للمليشيات، غير أن الواقع يكشف عن مصادر تمويل عديدة منها المنظمات الأممية التي تشتري مساحة نشاطها في مناطق الحوثيين بمزيد من تقديم الدعم المالي والتسهيلات للمليشيات، غير عمليات النهب التي تمارسها تجاه اليمنيين لضمان التمويل الذاتي لحربها، فيما توفر المساعدات الإغاثية والتحويلات النقدية، مصدرا يتحاشى المجتمع الدولي تجفيفه لأسباب إنسانية أمام الرأي العام العالمي، وهو مصدر يوفر العملة الصعبة دون أن تكون للمليشيات الحوثية التزامات حقيقية تجاه الإسهام في تغطية فاتورة الاستيراد.
 
كما أن دول القرار العالمي تتعامل مع الأزمة اليمنية كجزء من ملف إيران النووي، وبالتوصل لصيغة اتفاق مع طهران حول برنامجها النووي سيتيسر جلبها للتدخل الإيجابي في ملف اليمن، إلا أن هذه المقاربة تتناول جزءاً من قصة الارتباط الحوثي بإيران.
 
صحيح أن طهران تستخدم الحوثيين كأحد أوراقها في علاقاتها مع الغرب بما في ذلك الملف النووي، لكن واقع الحال أن الاتفاق النووي الموقع بين دول 5+ 1 وإيران في عهد إدارة الرئيس الأمريكي أوباما بقي ساريا لمدة ثلاث سنوات قبل انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق، وخلال تلك الفترة لم تحدث انفراجات في الحرب اليمنية، وظلت طهران على سلوكها التخريبي في المنطقة والداعم للمليشيا الحوثية، وعلى العكس ساعد تخفيف العقوبات عن إيران في توافر المزيد من التمويلات لمليشياتها في دول الإقليم العربية.
 
دعوات الحل السياسي كذلك تتجاهل أن المليشيا الحوثية هي من رفضت وترفض كل مبادرات الحل السلمي، وأفشلت كل الاتفاقات وآخرها اتفاق ستوكهولم، ورغم ذلك تصر هذه الدعوات على رفض كل تحرك عسكري من شأنه أن يجبر المليشيا على قبول تسوية سلمية، لن تأتي حسبما تؤكد الشواهد دون أن تكسر شوكة المليشيا في الميدان.
 
من يرى استحالة نجاح الحل العسكري هل لديه رؤية لحل سلمي تقبله المليشيا الحوثية التي تبحث عن شرعنة دولية ومحلية لانقلابها من خلال قبول التحالف والشرعية بتمثيلها لمناطق سيطرتها وإنهاء العمليات العسكرية وفتح القيود على الرحلات الجوية من وإلى مناطق الحوثيين لتصبح المليشيا الانقلابية طرفا شرعيا في المشهد السياسي اليمني بدلا من كونها أمرا واقعا بالإمكان التخلص منه.
 
من غير المنطقي أن يتحدث العالم بأن الحلول في اليمن أصبحت مستحيلة وأن لا حل سوى السياسي رغم تقلص نفوذ المليشيا الحوثية مؤخرا وخسارتها معارك كبيرة في أوقات قياسية أحدثها ما حصل في محافظة شبوة، واستمرار هذه المعارك هو الطريق الوحيد لإجبار المليشيا على قبول تسوية سياسية.
 
تستمر المليشيا في تعبئة قواتها وحشد المزيد من المقاتلين ونشر سمومها الطائفية في مناطق سيطرتها عبر تجنيد الأطفال وتحريف المناهج وإغلاق المكتبات والإذاعات وتضليل العقول عبر تعطيل التعليم العام لخدمة مراكزها الصيفية الطائفية والعنفية، وجميعها وغيرها الكثير مؤشرات لا توحي باتجاهها نحو أي شراكات أو تعايش مع الأطراف الأخرى ما يجعل الحديث عن إمكانية قبول المليشيا الحوثية بالسلام حديثا عبثيا.
 
هناك من يرى بأن الحل السياسي والعودة للديمقراطية وصناديق الاقتراع سيقضي على مشروع إيران في اليمن وهذا حقيقة، ولكن الحقيقة الأوضح هي أن المليشيا الحوثية لن تقبل بترك سلاحها والذهاب إلى انتخابات مهما كلفها ذلك، لأن من يكرس في أتباعه بأن الانتخابات تناقض حكم " الولاية " وأن الحاكم الأول والأخير هو حفيد رسول الله المزعوم بأمر السماء لن يسمح بذهاب أنصاره إلى صندوق الانتخابات. 
 
طهران من جهتها لن تسمح بفقدان السيطرة على اليمن والبحر الأحمر في تسوية سياسية بل ستصعد عسكريا إلى حد جاهزيتها لتكرار نموذج سوريا في اليمن واستقطاب مقاتلين طائفيين أجانب ونقلهم إلى اليمن.
 
إن استمرار المجتمع الدولي في التعريف بمليشيا الحوثي كجماعة سياسية بمقدور مخزونها الأيديولوجي أن يتعاطى مع القوانين والأعراف الدولية، ولم ينحُ هذا التعريف إلى اعتبارها جماعة إرهابية ويتعامل معها على هذا الأساس، فالنتيجة ستكون إيراناً أخرى أكثر انفلاتا على واحد من أهم ممرات التجارة والملاحة الدولية ووضع آبار النفط وطرقها تحت رحمة "الإمبراطورية الفارسية" القادمة بطبيعتها الإرهابية.
 
كل المؤشرات تؤكد أنه دون إنهاء مشروع إيران عسكريا، فإن اليمن سيبقى في معارك مستمرة ولن يكون هناك أي انفراج قريب، فالسلام المنشود لن يتحقق إلا بالقضاء على مشروع خرافة الولاية واستعادة روح التعايش والسلام في اليمن على أسس وطنية تكفل للجميع الشراكة في الحكم والقرار وفق آليات ديمقراطية شفافة ونزيهة.

*وكالة 2 ديسمبر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر