موسى عبدالله قاسم
موسى عبدالله قاسم
حراك الأقيال.. معراج استعادة المجد اليماني
الساعة 11:48 مساءاً

يختلف اليمنيون على كل شيء، ويتفقون على صوابية انبعاثة حراك القومية اليمنية أقيال، باعتباره ضرورة وطنية مُلحّة، لانتشال حاضر اليمن وتأمين مستقبله، سيما وقد تمازجت في هذه الانبعاثة المتجدّدة كل الدوافع والعوامل الوطنية، السياسية والإقتصادية والتاريخية والحضارية. فالشعب اليمني الذي صاغته الأحداث التاريخية عبر القرون وشكّلت فرادته المتجاوزة للمألوف، هو شعب دائم التجدّد والإبهار، حتى في أحلك ظروفه، لأنه شعب ذو رسالة حضارية، والشعب الرسالي قد يعتريه التعب ويصيبه الإنهاك، لكنه يعود كنهر دفّاق لحمل رسالته السامية وتبوأ مكانته الحضارية الجدير بها. 

نعلم أن هناك فراغ وطني يمني موحش، نجم عنه هذا التيه الذي نتجرع عذاباته اليوم، فراغ في الوعي السياسي والتاريخي وحتى الديني، فجاء حراك الأقيال بأهدافه الوطنية الجامعة لملء هذا الفراغ، في لحظة يمنية فارقة. جاء كجدار أخير بمداميك راسخة متجذرة، للملمة شتات شعب مُلقىً في العراء، فاقداً للبوصلة الوطنية، تتنازعه الأهواء والمصالح؛ لإسنادِه ومؤازرته، ولتجميع قواه لاستعادة وجوده وكينونته ومكانته.

فالشعب اليمني شعب أصيل متماسك، متى ما استعاد ذاكرته القومية والتاريخيه، فالأصل المتجذّر في الأعماق يواجه كل عوامل التعرية والتشوّه الهوياتي، ويصمد أمام مختلف التضاريس السياسية، لأنه أصيل دائم الإيراق والإغصان والتجدّد، وهو الخلاّق لمساره المستقبلي المُنثال من عمق جذوره.

ولست مبالغاً إنْ قُلتُ أنْ لا شيء يستحق التوقف عنده خلال القرنين الأخيرين، العشرين والواحد والعشرين، سوى ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر الخالدة في القرن العشرين، والانبعاثة القومية اليمنية أقيال في القرن الواحد والعشرين، بكل ما يجمعهما من وشائج النضال وواحدية وسمو الهدف. فحراك الأقيال يقوم على إشعال ثورة الوعي القومي اليمني بامتداده الجمهوري، أي استعادة الذات اليمنية. والوعي هنا هو حالة عقلية لا شعورية كامنة تُستنهض متى ما استشعر اليمني خطر التلاشي والإندثار، وهو الحالة الطبيعية التي رافقت الكثير من ثورات اليمنيين وانتفاضاتهم على امتداد تاريخ اليمن. وهذا الوعي الأقْيالي الذي يتشكّل اليوم ويزداد انتشاراً وقبولاً شعبيا واسعاً، سيؤدي إلى إعادة بلورة الشخصية اليمنية التي تعرّضت مِراراً للسحق والتشويه الممنهج، وسيُحقق الشخصية القومية اليمنية القوية، التي ستعيد تعريف الإنسان اليمني فكراً وحضوراً، مماهو كائن إلى ما سيكون، وبإرادة قومية أقيالية لا تلين.

وإذن، فإن حراك الأقيال هو معراج استعادة المجد اليماني، فالأقيال اليوم يخوضون أقدس المعارك الوطنية، معركة الوعي، وهم من يعتصرون أوجاع أكثر من ألف عام من الاستلاب الروحي والفكري والجغرافي لليمن الأرض والإنسان، ويحيلونها إلى يراع ومحبرة ومداد، إلى بارود تتضوّع منه قمم الجبال الشواهق وبطون الأودية الفساح، في سبيل استعادة مجد سبأ وحِمْيَر على نهج جمهوريتنا السرمدية.

وكلما أقرأ سطور الأقيال التوعوية أجدني أكررها مرة وثانية وثالثة، وأخالني واقفاً أمام رواد القومية الأوائل حسن الهمداني ونشوان الحميري وسعيد بن ياسين وأحمد الزرنوقي ومحمد الزبيري وعبدالرحمن البيضاني، وقبلهم علي بن الفضل وعبهلة العنسي، وهم يتلون سفر كفاحهم الطويل لاسترداد الحق اليمني المغتصب، ومجابهة المتوردين الأغراب، وكأني أرى أقيال اليمن اليوم وهم يرددون في مسامعهم، هاقد عُدنا يا أقيالنا الأحرار، وعلى دربكم سائرون ولليمن لمنتصرون. 

هذا الحراك الثوري الشعبي ماضٍ في طريقه، لاستعادة الذات اليمنية، وتجفيف منابع التشويه والطمس لهوية اليمن الحضارية، ماضٍ في سبيل الانتصار للإنسان اليمني ومستقبله، وتضميد جراحات وأوجاع هذا الشعب العريق، فأقيال اليمن الذين انتضوا سيوفهم وانطلقوا في سبيل استعادة مجد آبائهم وأجدادهم ووقف إرهاب الغزاة المتوردين على امتداد مساحة الوجع اليمني، هم اليوم منارات وعي وفراقد هداية لأجيال اليوم. 

يا أقيال اليمن وطلائعه القومية، اليمن أمانة في أعناقكم، واستعادة مجدكم المُستلب مرهون بكفاحكم ونضالكم وصبركم وتضحياتكم، وباحترامكم لمعتقدات جماهير شعبكم، بكم أنتم سيرفرف بيرق النصر، فامضوا على ذات الدرب، درب أجدادكم الأقيال الأوائل، درب الكفاح حتى النصر، فالأرض أرضكم، والتاريخ تاريخكم،  وشعبكم يراكم في أعينه ثواراً بندقيةً وقلماً، وكل متورد إرهابي غبار سينجلي وظلام سيُبدد. إنها ثورة الأقيال، ماضية في طريقها كسيل هادر، بخطىً واثقة متسارعة أكثر من أي وقت مضى، يجللها إيمان راسخ بأن الحق سيعود لأصحابه مهما طال الزمن.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر